الأحد، 21 أكتوبر 2012



الماركسية اللينينية الماوية في مواجهة الهجوم على ستالين .

الحلقة الثانية .

تنبه ماو والحركة الشيوعية الماركسية اللينينية عبر العالم مبكرا لحقيقة الهجوم على ستالين وتم فضح ذلك الهجوم من خلال التأكيد على جملة من الحقائق التى سعت التحريفية المعاصرة وسائر الرجعيين الى حجبها تحت ستار محاربة عبادة الفرد يقول ماوتسى تونغ " يوجد في رأيى سيفان احدهما لينين و الأخر ستالين ،نبذ الروس الآن سيف ستالين و التقطه غومولكا وبعض الناس في المجر لطعن الاتحاد السوفياتى ومعارضة ما يسمى بالستالينية و يستخدم الامبرياليون أيضا هذا السيف لذبح الناس به ، و قد لوح به مثلا دالاس لبعض الوقت ، و هذا السيف لم يعر بل رمى ، لم نرمه نحن الصينيون ، و بالنسبة الى سيف لينين الم ينبذ هو أيضا الى حد ما من قبل بعض القادة السوفيات ؟ لقد نبذ في رايى الى حد ليس بالقليل ... هل ما زالت ثورة اكتوبر صحيحة ؟ هل ما زالت تصلح لكل البلدان ؟ يقول تقرير خروتشوف الى المؤتمر العشرين للحزب الشيوعى السوفياتى انه يمكن استلام السلطة بالطرق البرلمانية وهذا يعنى انه لم يعد ضروريا لجميع البلدان التعلم من ثورة اكتوبر ، عندما فتح هذا الباب على العموم ضاعت اللينينية " 7
يشدد ماو على ضرورة الربط الوثيق بين لينين و ستالين ، فهما سيفان لا يمكن الفصل بينهما ، و التخلى عن احدهما  يقود الى التخلى عن الاخر ، يقول ذلك وهو يعرف ان هجوم التحريفيين السوفيات على ستالين انما يعنى في جوهره الهجوم على اللينينية و التراث المجيد لثورة اكتوبر الاشتراكية رغم كل الغبار الذى كان يثيره هؤلاء عند تاكيدهم الوفاء لللينينية .
وقد سارت وقائع الحياة بعد ذلك فى هذا الاتجاه فاعلن التحريفيون انه لا صلة تربطهم بلينين و الماركسية ، فهم ديمقراطيون وكفى ، وعندما سئل آخر اباطرة التحريفية المعاصرة غورباتشوف سنة 1993 : كيف يمكن ان نفهم تصريحاتكم العلنية المتعددة بعد احداث آب بانك شيوعى راسخ العقيدة ؟ اجاب :انتم لم تفهموا بشكل صحيح ، انا كنت ديمقراطيا و ملتزما بالقيم الليبرالية 8
لم يمر الهجوم على ستالين اذن دون مقاومة فقد تجندت الحركة الشيوعية الماركسية اللينينية في القيام بهجوم مضاد سار في مقدمته الرئيس ماو الذى وضع كل ثقله في هذه المعركة فتم فضح التحريفية المعاصرة و الحقت بها هزائم شتى ،و تطورت احزاب ومنظمات ماركسية لينينية مختلفة على قاعدة التصدى لاطروحاتها المضادة للثورة البروليتارية العالمية فاعلن الشيوعيون الماركسيون اللينيون عبر العالم وفاءهم الدائم لستالين واسهاماته في توطيد الاشتراكية و التصدى للصوص الامبرياليين ، ففى احدى الوثائق التاريخية للحزب الشيوعى الصينى يرد ما يلى : " لقد اتهم قادة الحزب الشيوعى السوفياتى الحزب الشيوعى الصينى بالدفاع عن ستالين ، نعم نحن ندافع عن ستالين ، ففى حين يشوه خروتشوف التاريخ وينكر ستالين انكارا كليا ، يقع علينا طبعا واجب لا مفر منه وهو ان نهب لندافع عن ستالين من اجل مصالح الحركة الشيوعية العالمية " 9
و قد اشار الشيوعيون الصينيون بقيادة ماو الى وجود غايات  خفية وراء الهجوم على ستالين فالامر لا يتعلق بمجرد انكار ستالين والوفاء للماركسية اللينينية مثلما زعم التحريفيون الخروتشوفيون و انما التنكر للماركسية اللينينية بأكملها ، يقول النص الذى اخخذ منه المقطع الانف الذكر " ان الحزب الشيوعى الصينى يرى دائما ان الرفيق خروتشوف كان مخطئا كل الخطأ فى انكاره الكلى لستالين تحت ستار ما سمى بمقاومة عبادة الفرد وكانت له مآرب خفية دفعته الى ذلك " 10
كيف تعامل خروتشوف و اضرابه من المحرفين مع مسالة ستالين ؟ يجيب الشيوعيون الصينيون بما يلى " انهم لم يقوموا بتحليل تاريخى علمى شامل لحياة ستالين واعماله ، بل انكروه كليا بدون اى تمييز بين الصواب و الخطأ ، و لم يعاملوا ستالين كرفيق بل عاملوه كعدو ، انهم لم يتخذوا اسلوب النقد و النقد الذاتى لتلخيص الخبرة بل القوا مسؤولية جميع الاخطاء على ستالين اونسبوا اليه الاخطاء التى لفقوها عمدا ... انهم لم يعرضوا الحقائق و لم يناقشوا الامور بل شنوا هجمات ديماغوجية شخصية على ستالين بغرض تسميم عقول الناس " 11
ولم يفت الشيوعيين الصينيين ملاحظة اوجه التطابق بين الهجوم الخروتشوفى والهجوم الامبريالي الرجعى عل ستالين حيث يرد في النص المذكور : " اى فرق هناك بين قدح خروتشوف فى ستالين وبين قدح المستعمرين ورجعى   مختلف البلدان والمرتدين عن الشيوعية ؟ ولماذا يضمر حقدا كهذا ضد ستالين "12
وبالفعل فقد تزامن الهجوم الخروتشوفي التحريفي على ستالين مع كيل المديح لقادة الدول الامبريالية وتلميع صورهم البشعة في اذهان المضطهدين ،وهوما يعنى ان الامر يتعلق بانعطاف حاسم في قيادة الحزب و الدولة في الاتحاد السوفياتى ، فالثورة المضادة تمت و اكتملت فاصبح قادة البروليتاريا وخاصة ستالين مجرمين وسفاحين ، اما الجزارين الدمويين  الحقيقيين فقد تحولوا بقدرة قادر الى مناضلين من اجل الحرية ، يقول نص الشيوعيين الصينيين " وجدير بالذكر على الخصوص انه بينما يقدح قادة الحزب الشيوعى السوفياتى بستالين بكل طريقة ممكنة يولوا ايزنهاور وكينيدى ومن على شاكلتهما كل الاحترام والثقة ، انهم يقدحون في ستالين على انه طاغية من نوع ايفان المرعب واكبر ديكتاتور في التاريخ الروسي و لكنهم يشيدون بكل من ايزنهاور وكينيدى كحائزين على تاييد الاغلبية الساحقة من الشعب الامريكى ... يهاجمون بفضاضة ماركسيا لينينيا عظيما وثوريا بروليتاريا عظيما و قائدا عظيما للحركة الشيوعية العالمية ، ومن الجهة الاخرى يرفعون زعماء الاستعمار باطناب الى السماء ، فهل هناك احتمال بان تكون القلة بين هذه الظواهر قد نشات بمحض الصدفة ؟ أو لا يدل المنطق الذى لا يقبل الشك بانها نشات نتيجة خيانة الماركسية اللينينية "13
 الامر يتعلق فعلا بخيانة تامة للماركسية اللينينية وليس بمجرد اخطاء وانحرافات ذات طابع ثانوى كما يرى ذلك الان انبيلوف وبصورة اقل حدة نينا اندريافا رغم اهمية العمل الذى يقومان به حاليا في روسيا من حيث التصدى للتحريفية و اعادة الاعتبار لستالين فالثورة المضادة لم تحدث في الاتحاد السوفياتى سنة 1991 على يد غورباتشوف ويلتسين وانما قبل ذلك بحوالي اربعين عاما ، ان توضيح ذلك من شانه ان يبدد الكثير من الاوهام ففي الوقت الذى تم فيه اسقاط سيف ستالين كما يقول ماو تسي تونغ كانت التحريفية تقوم بثورتها المضادة للاشتراكية على مختلف الاصعدة .
لا تتمثل المسالة اذن في مجرد رسم خط قطيعة بين لينين وستالين من جهة و التحريفية والخروتشوفية من جهة ثانية, وانما الامساك باستتباعات ذلك على المستوى الاقتصادي والسياسي والنظري ونعني حدوث الثورة المضادة والنتائج المترتبة عنها .واذا كان التحريفيون قد تخفوا لوقت طويل تحت رداء اشتراكي زائف فإن ذلك لا يجب ان يحول دون تمزيق الحجاب الذي تستروا به لاظهارهم على حقيقتهم فقد كان دابهم دائما سلوك هذا الصنيع , فهم لا يظهرون وجههم القبيح الا متى سمحت الفرصة بذلك, الم يمتدح خروتشوف ذاته ستالين ووصفه بانه " صديق حميم ورفيق في السلاح للينين العظيم " وهو " اعظم نابغة واستاذ وقائد للبشرية " و "صديق مخلص للشعب" بل انه ذهب الى حد القول انه " والده" , الم يسلك لين بياو ودونغ سياوبينغ وهوا كوو فينغ وانور خوجة الطريق ذاته في التعامل مع ماو قبل ان يعلنوا انحرافهم بمائة وثمانين درجة على ما كانوا يقولونه هم انفسهم .                   
ان الجبن سمة مميزة للتحريفية في كل البلدان لاجل ذلك شدد ماركس ولينين باستمرار على ضرورة عدم الحكم على الناس من خلال ما يقولونه عن انفسهم وانما ينبغي القيام بتحليل ملموس لافعالهم وممارساتهم لادراك ما لا تنطق به افواههم , يقول نص الشيوعيين  الصينيين :" اذا ما قارن الناس الاقوال التي تفوه بها خروتشوف فانهم يلاحظون انه  قد استدار 180 درجة في تقديره لستالين ."
لقد قاد التحليل الملموس للظاهرة التحريفية الخروتشوفية الشيوعيين الماركسيين اللينينيين مبكرا الى ادراك فحوى الشعار الجميل الذي رفعه خروتشوف :" مقاومة عبادة الفرد"  هذا الشعار الذي اضحى بعد ذلك عزيزا على كل المتآمرين على الماركسية اللينينية الماوية  فما مضمون ذلك الشعار؟ يجيب الشيوعيون الصينيون على النحو التالي :"اولا: ان يضعوا ستالين قائد الحزب بحجة مقاومة عبادة الفرد في موضع معارض لتنظيم الحزب والبروليتاريا وجماهير الشعب.
ثانيا : ان يلوثوا الحزب البروليتاري وديكتاتورية البروليتاريا والنظام الاشتراكي بحجة مقاومة عبادة الفرد.
ثالثا: ان يرفعوا مراكزهم بحجة مقاومة عبادة الفرد ويهاجموا الثوريين المخلصين للماركسية اللينينية حتى يعبدوا الطريق لمدبري المكائد المحرفين لاغتصاب قيادة الحزب والدولة.
رابعا ان يتدخلوا بحجة مقاومة عبادة الفرد في الشؤون الداخلية للاحزاب والبلدان الشقيقة التي تلتزم بالماركسيةاللينينية ويصدعوا الحركة الشيوعية العالمية."15
لقد غدا هذا المضمون الان واضحا بما فيه الكفاية ولكن الامر لم يكن كذلك قبل اربعين عاما,فقد كان زعيق التحريفية يملأ الآفاق حول تمسكها بالماركسية اللينينية ,لأجل ذلك يبدو غريبا اليوم إغماض العين تجاه المقاومة الشديدة التي لقيتها التحريفية في الإبان من طرف الحركة الشيوعية العالمية وفي مقدمتها الحزب الشيوعي الصيني بقيادة ماو,فلماذا يصمت أشخاص مثل نينا اندرييفا وفيكتور انبيلوف إزاء ذلك عندما يتحدثون عن مقاومة التحريفية الخروتشوفية وتوابعها؟ ولماذا يتجاهلون دور الأحزاب والمنظمات الماركسية اللينينية الراهن في هذه المعركة وهي التي أكدت أنه :"بعد موت لينين,خاض ستالين صراعا سياسيا وإيديولوجيا هاما ضد التروتسكيين وغيرهم من العناصر التي كانت تدعي استحالة بناء الإشتراكية في الإتحاد السوفياتي نظرا لتدني تطور قوى الإنتاج ووجود عدد هائل من الفلاحين وعزلة الإتحاد السوفياتي عالميا وتم دحض هذه النظرية الإنهزامية على الصعيدين النظري والتطبيقي خاصة,وذلك عندما هب عشرات الملايين من العمال والفلاحين للنضال من أجل القضاء النهائي على النظام الرأسمالي القديم."16
لماذا هذا الصمت بينما تتم الإشادة بقوى انتهازية لا علاقة لها بالشيوعية مثل حزب العمل الكوري والحزب التحريفي الصيني ؟ حيث تتحدث نينا أندرييفا مثلا عن " تشويه سمعة الإشتراكية في الصين وكوريا الديمقراطية الشعبية وفي فيتنام وفي كوبا.
ألسنا تجاه الخطأ ذاته الذي ارتكب سابقا في النظر إلى التحريفية السوفياتية ؟ هل يمكن أن نتحدث عن إشتراكية في الصين حاليا وكل ما يمارس في هذا البلد يسير في اتجاه مضاد على طول الخط للإشتراكية بعد الثورة المضادة التي قامت بها طغمة دونغ سياو بنغ- هواكو فينغ التحريفية سنة1976 ؟ثم أية إشتراكية تلك التي يجري الحديث عنها في كوريا التي تحولت إلى مملكة يرث فيها الإبن أباه؟
إننا نتمنى أن يكون الأمر مجرد انعدام وضوح رؤية لدى الأحزاب والمنظمات التي تعلن الآن في عدد من البلدان وفاءها لستالين دون أن تذهب إلى الحد المطلوب في استنتاج ما يتبع ذلك من من مواقف, فحزب نينا أندرييفا ليس وحده الذي يعاني من مثل هذا الخلط وإنما يشاركه في ذلك حزب العمال الشيوعي الروسي الذي يقوده أنبيلوف وأحزاب عديدة أخرى منها حزب العمال البلجيكي الذي يعلن التمسك بستالين وماو في نفس الوقت الذي يتحدث فيه عن ضرورة " دعم الاشتراكية التي ما زالت موجودة في الصين والفيتنام " . 17

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق