الأحد، 8 مايو 2011

الوضع الثوري الراهن في تونس

فهد التونسي

     دشنت الانتفاضة الشعبية في تونس التي انطلقت يوم 17 ديسمبر 2010 صفحة جديدة في تاريخ نضال الشعوب الرازحة تحت نير الاضطهاد بكل أشكاله، الاقتصادي والاجتماعي والسياسي...الخ. وقد تبيّن من خلال الوتيرة المتسارعة للأحداث إصرار العصابة التي استولت على الحكم بعد 14 جانفي 2011 على التمادي في سياسة القمع إزاء جموع المنتفضين بالتهديد والوعيد تارة وباستعمال آلة الإرهاب في أحيان أخرى، مستعينة في ذلك ببعض الأدوات الصورية التي اختلقتها كـ"الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة" لحرف الصراع عن مجراه الطبيعي أي بين مضطهَدين وفقراء من جهة، وبين طبقات مستغلة من جهة ثانية واختزاله في صورة محاصصة سياسية مقيتة نجحت من خلالها في احتواء بعض الأحزاب السياسية الانتهازية وجرها إلى مستنقع التآمر على الشعب.
    لذلك، فإنه يهمنا في سياق الوضع الثوري الراهن أن ننبّه إلى ضرورة فهم ما يجري من أحداث قد تبدو معقدة، وهو تعقيد تحرص الطبقات الحاكمة ممثلة في الحكومة الانتقالية على استمراره لأجل تشويه حقيقة الصراع وحقيقة ما يدور على الأرض. ففي الآونة الأخيرة تشهد جهات عديدة من القطر التونسي انتفاضات ومظاهرات واعتصامات تنتظم كلها حول رفض سياسة المماطلة والوعود الزائفة التي تطلقها الحكومة إزاء تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الأمر الذي دفع بها إلى الزج ببعض المرتزقة والدفع بهم داخل هذه الأحداث للزيغ بها عن جوهرها وزرع الصراعات القبلية والمناطقية، وكذلك الاعتداء على ممتلكات المواطنين. وقد نجح شعبنا إلى حدّ الآن في الحفاظ على بقاء الوضع متفجرا، وهو الأمر الذي ساهم في إرباك أعداءه الطبقيين وجعلهم يتخبطون ويتناقضون في عديد المناسبات، وليس أدلّ على ذلك التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية السابق التي تؤكد تكالب هؤلاء على بيع تونس وارتهانها للمستعمر ومن ورائهم حلفائهم الظلاميين الذين أقاموا الدنيا ضجيجا على قضايا تافهة وأقعدوها وصمتوا وانسحبوا حين تعلق الأمر بأمور حقيقية مثلما جرى ويجري في الآونة الأخيرة.
    إنّ بيان حقيقة الصراع الدائرة رحاه اليوم في تونس هو وحده الكفيل بتوجيه بوصلة الشعب نحو معرفة من هم أصدقاءه ومن هم أعداؤه، وهي معرفة ملحّة أكثر من أي وقت مضى في سبيل إسقاط القناع عمن يتشدقون زيفا بالدفاع عن مصالحه وتسميتهم بأسمائهم الحقيقية، وهم وفق ما يترتب عن هذا الفهم : الحكومة الانتقالية التي هي امتداد للنظام العميل السابق/ الظلاميون، دعاة الحفاظ على السلم الطبقية والعودة إلى عصور الظلام/ وأخيرا البيروقراطية النقابية وبعض الأحزاب الانتهازية التي تهافتت على إيجاد مكان لها واقتسام ما يمكن اقتسامه ضاربة عرض الحائط بمصالح الشعب المضطهَد.
     علينا إذن، معرفة هذا الثالوث والعمل على فضحه، إن هذا الثالوث هو العدو رقم واحد وهو يشكل تحالفا سياسيا توزع فيه الأدوار بترتيب داخل هيكل اسمه "الهيئة العليا لحقيق أهداف الثورة".فليتحد كل الوطنيين الديمقراطيين   في سبيل إسقاط وحلّ كل هذه الأدوات التي تجسد تحالف أعداء الشعب.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق