اشتغلت من جديد آلة القمع بضراوة و شهدت جهات مختلفة مواجهات عنيفة طرفاها الشعب من جهة و النظام العميل من جهة ثانية ، و ترتب عن ذلك حرق مراكز البوليس و الحرس في عدد من المدن و سقوط شهداء و جرحى و اعتقال العشرات و اقتحام مقرات صحف و مبنى للاتحاد العام التونسي للشغل ، و بدا واضحا أن نظام بن علي لا يزال جاثما على الصدور يكتم نفس الحرية بكل ما أوتي من قوة .
لقد كانت التصريحات التي أطلقها وزير الداخلية السابق فرحات الراجحي تأكيدا لما قلناه مرارا حول المؤامرة التي تحاك ضد الانتفاضة المجيدة بتحويلها عن مجراها و الحيلوله دون تطورها إلى ثورة فعلية ، و هو ما تورطت فيه قوى نافذة في المؤسسات المالية و البوليسية و العسكرية برعاية الامبريالية باستغلال العروشية و الطائفية و الجهوية و استعمال المجرمين الذين فتحت امامهم ابواب السجون و تحريك عصابات التجمع الدستوري .
و إذا كان لتلك التصريحات من قيمة فهي المتمثلة في الكشف عن الأزمة الخانقة التي تغرق فيها السلطة الرجعية بشهادة شاهد من أهلها .
و قد رأت الجماهير الشعبية في تلك التصريحات حجة أخرى على ما تعرضت له من خيانة لتطلعاتها المشروعة في الحرية و العدل و الكرامة فهبت إلى الكفاح و هي ترفع شعارات معادية للنظام مصممة على الانتصار ، مطالبة حكومة السبسي بالرحيل .
ان المهمة الأوكد الآن هي إجبار الحكومة الانتقالية على الاستقالة و حل الهيئات التي شكلتها للالتفاف على الانتفاضة و في مقدمتها الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي ، واتحاد سائر القوى الوطنية الديمقراطية على قاعدة برنامج ثوري يضع في سلم أولوياته تنظيم الشعب من خلال المجالس و اللجان الشعبية لكي تكون بديلا فعليا للسلطة الرجعية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق