الاثنين، 4 أبريل 2011

حزب العمل الوطني الديمقراطي من الشرعوية الى الانتهازية

 



 

الجزء الاول
تقدم هذا الحزب بطلب التأشيرة من نظام الجنرال في تونس وتحصل على الترخيص القانوني بعد 14 جانفي من الحكومة الجديدة القديمة التي يطالب الجميع بحلها.
("التصفويون هم أنصار التيار الذي ساد في القسم المنشفي لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي في روسيا في مرحلة الردة الرجعية بعد هزيمة ثورة 1905-1907. كان التصفويون يطالبون بإلغاء حزب البروليتاريا الثوري السري والاستعاضة عنه بحزب انتهازي يقوم بنشاط شرعي في ظل النظام القيصري. ان المجلس العام لحزب العمال الاشتراكي الديمقراطي في روسيا الذي انعقد في براغ في جانفي 1912 طرد التصفويين من الحزب") لينين -إفلاس الأممية الثانية –دار التقدم -ص.69.
مقدمة :
ناضلت الحركة الشيوعية سابقا ضد العديد من التيارات الشرعوية وكان اهمها النضال ضد المرتد كاوتسكي وجماعة الأممية الثانية قبل الحرب الإمبريالية الأولى وإنتهى هذا الصراع "بانفصال العناصر البروليتارية الاشتراكية الديمقراطية الثورية إنفصالا تاما عن العناصر الإنتهازية البرجوازية الصغيرة" اذ لا يمكن التعايش في نفس الحزب بين جماعة من طليعة البروليتاريا الثورية وبين جماعة الأرستوقراطية نصف البرجوازية الصغيرة المنبثقة من الطبقة العاملة والمتمتعة بفتات الإمتيازات..."(المصدر السابق) ثم في بداية العشرينات من القرن الماضي و قبل الحرب الإمبريالية الثانية إنتهى هذا الصراع بإنفصال الإنتهازية اليمينية والتي كانت تمثلها الإشتراكية الديمقراطية انذاك عن الحركة الشيوعية. وفي حين تمسكت الأحزاب الشيوعية بمبدا الصراع الطبقي وفضحت البرجوازية الحاكمة نادت الإنتهازية الإشتراكية بالتحول السلمي والوفاق الطبقي من خلال الإنتخابات بل ساندت الحكومات في موقفها من الحرب الإمبريالية...ثم في نهاية الخمسينات وبداية الستينات تزعم الحزب الشيوعي الصيني النضال ضد التحريفية المعاصرة التي تمثل برجوازية الدولة والحزب الحاكم المسمى زيفا الحزب"الشيوعي".
إن التيار الشرعوي في تونس لا يخرج عن هذا الإطار العام وهو ليس وليد اللحظة فالى جانب التشكيلات الإصلاحية المدافعة علنا عن سياسة الوفاق الطبقي التي تعتبر أساس الإنتهازية، عرفت الحركة الماركسية-اللينينية صراعا طويلا ضد الإنتهازية اليمينية التي تجلت منذ السبعينات في دعاة "الحرية السياسية"(*) الذين إدعوا آنذاك انه بالإمكان إحراز الحريات السياسية في ظل أنظمة لا وطنية تعتمد اساسا على الجيش والبوليس لفرض ما يسمى بالسلم الإجتماعية.وإعتبر دعاة هذا الطرح الإنتهازي أن الحرية السياسية كبرنامج مرحلة ضرورية تعوض في الحقيقة المهام الوطنية الديمقراطية /الديمقراطية الجديدة وهي تتخلى عن انتخاب جمعية تأسيسية وإصدار دستور جديد بما ان النظام القائم هو المسؤول عن مثل هذه المهام وهي لذلك تنفي قيام الثورة . والى جانب دعاة الحرية السياسية الذين تسببوا في حصول بعض الإنشقاقات نجد الحلقات الوطنية الديمقراطية التي إتسم نشاطها بالإقتصادوية والحلقية المقيتة الموالية لهذا الرمز او ذاك دون إعتبار مصلحة الشعب ولا مصلحة الحركة الماركسية البينينية( الم.الل.) كما وجدت بعض التعبيرات القومية المتمركسة.
وفي الثمانينات، برز الطرح التصفوي القومجي الذي حاول تعويم مهمة الحزب وتصفية الخط الشيوعي- الماوي- والطرح الوطني الديمقراطي من خلال الدفاع عن حزب عربي الآن وفورا لكنه منشود يستحيل إنجازه آنيا وكان ذلك تعلة لتصفية النشاط الثوري والتحول عمليا الى خدمة التيارات الإسلامية وبعض الأنظمة مثل النظامين السوري والليبي... وقد وقع هزم هذا التيار وافتضح امره لاحقا بتحول أبرز عناصره الى عناصر موالية للتيارات الظلامية او للبيروقراطية النقابية علما وان بعض الحلقات المنحدرة من هذا الإنحراف لازالت تشكو من الإرث السلبي المبني على أساس أطروحات قومجية واسلاموية متمركسة.
ثم ظهرت أطروحات الحرية السياسية من جديد و بقوة إثر انقلاب7-11-87 في تونس وطرحت منذ ذلك الوقت في صلب أحد تعبيرات الأطراف الوطنية قضية"الناطق الرسمي" والخروج الى القانونية والعودة الى طرح "الحرية السياسية" بإسم الإنفتاح ووعود 7- 11التي يجب إستغلالها حسب المنطق الشرعوي .غير أن هذه العناصر المؤسسة لحزب "العود" حاليا لم تنجح في تمرير أطروحاتها اليمينية وظلت تعرقل تقدم العمل وتحشر الرفاق في نقاشات ماراطونية لشل النشاط المبرمج مقابل البقاء في الأطر القانونية والممارسة بصفة فردية الى جانب البيروقراطية واللهث وراء المواقع والتمعش من الإمتيازات التي توفرها لها هذه الأطر الجمعياتية مثل السفر والسيارات والبنزين والسهرات في النزل وقطع أراضي للسكن والقروض والمنح للأبناء... وقد خاض الماويون صراعا طويلا دام أكثر من أربع سنوات وهو صراع مدوّن في وثائق لا يمكن الطعن فيها وتمكنوا من فضح الطرح الإنتهازي الشرعوي الذي إنتهى به الأمر الى تبني سياسة الوفاق الطبقي والمصالحة الوطنية والإلتحاق بصفوف المعارضة الشكلية وخاصة جماعة "المبادرة الديمقراطية" وعلى راسها حركة التجديد- الحزب الشيوعي التحريفي سابقا- التي خانت قضية التحررالوطني الديمقراطي والاشتراكية.
/I/ التنكر للفكر الشيوعي والطرح الوطني الديمقراطي
انخرط أصحاب "العود" في تيار المراجعة بتعلة تغيّر الأوضاع وإعتمدوا سياسة خلط الأوراق لتمرير الأطروحات اليمينية الإنتهازية فإدعى أحد المؤسسين أن الوقت قد حان لإعادة تقييم الحركة الشيوعية وإعتبر في تصريح للصحافة- "جريدة الإعلان" بتاريخ 4-10-91 : " أعتقد أن كل المنتمين للفكر الشيوعي سواء الذين ساندوا في الماضي أطروحات موسكو أو الأطروحات الصينية أو الألبانية هم مدعوون لقراءة تاريخ الحركة الشيوعية قراءة نقدية خلاقة لا تكتفي بترديد القوالب الجامدة " ويعني هذا التصريح أن كل من تبنى الماركسية في يوم ما مدعو للعمل المشترك وهو بذلك خلط عن وعي بين التحريفية اى برجوازية الحزب والدولة الحاكمة سابقا في أوروبا الشرقية وفي روسيا والماسكة بالحكم في الصين حاليا وبين الشيوعية والدولة الإاشتراكية الفعلية في عهد لينين وستالين وماو تسي تونغ... ويعني هذا الطرح قطريا التمهيد للتعامل مع مجموعة "حركة التجديد" ومع من يتظاهر بتبني الماركسية ويمارس الإنتهازية عمليا بل إن هذا الطرح يذهب أبعد من ذلك بما أنه ينسف كل التباينات التي حصلت في الحركة الشيوعية وكل المكاسب التي حققها الشيوعيون في النضال ضد إعادة بناء الرأسمالية وضد كل العناصرالبرجوازية الصغيرة المتحدثة بإسم الماركسية أو الإشتراكية والمنادية عمليا بالتحالف مع الطبقات الحاكمة والمساهمة في إدارة أزمة الإستعمار الجديد.
وبالفعل فقد عادت عناصر " العود" إلى أطروحات الأممية الثانية كما تجاهلت القطيعة بين التيار الإشتراكي الديمقراطي وبين الحركة الشيوعية في بداية العشرينات وطمست الفرق بين نظام خروتشوف وبريجنيف وغرباتشوف وبين الدولة الإشتراكية. كما طمست عمدا الفرق بين الإشتراكية في عهد ماو وراسمالية الدولة في عهد دنك سياوبيغ او في الصين الحالية.إن تصريحات جماعة "العود" تهدف أولا ، إلى إعلان التوبة والتأكيد للنظام أن "العود" حزب معتدل يقبل بقانون لعبة الديمقراطية الإستعمارية وأنه يمكن التعويل عليه في تركيع الحركة الثورية وثانيا الى طرق باب "المبادرة الديمقراطية" وباب الإنتهازية عامة ومحاولة إثبات أن عهد "الصراع الطبقي" قد ولى وحل عهد الوفاق الطبقي والمصالحة الوطنية والإستسلام والرجوع إلى حظيرة المعارضة الشكلية المتمعشة من فتات الإمتيازات والمساهمة عمليا في تبييض وجه الأنظمة اللاوطنية. إن حجج "العود" لا تختلف جوهريا عن حجج التحريفيين القدامى والمعاصرين. فقد سبق لبرنشتين أن حرف تعاليم ماركس تلبية لحاجيات البرجوازية فإدعى أن مثل هذه التعاليم لم تعد صالحة وعمد لاحقا التحرفيون المعاصرون أمثال تيتو وخروتشوف الى تحريف تعاليم لينين وستالين وإدعوا أن الماركسية- اللينينية "أصبحت لا تلاءم العصر وان التعاليم حول الإستعمار وحول الثورة البروليتارية وحول الحرب والسلم وحول كيفية بناء الإشتراكية لم تعد صالحة" . كما زعم المحرفون المعاصرون ان النظريات القديمة لماركس ولينين لم تعد قابلة للتطبيق في " العصر الجديد" بسبب تقدم العلوم والتكنولوجيا" وزعم تيتو مثلا " نحن لسنا جامدين عقائديا فلينين لم يتنبأ بالصاروخ الى القمر ولا بالقنابل الذرية ولا بالتقدم التقني المهول"( "عاشت اللينينية "-مجلة العلم الأحمر الصينية)
والى جانب التنكر للفكر الشيوعي وللتجربة الشيوعية عامة والرجوع الى الحركة الإشتراكية حاليا أي التيار الإشتراكي الديمقراطي في الحقيقة فقد تنكر" العود" كذلك للطرح الوطني الديمقراطي الذي وقع نعته بالدغمائية على المستوى السياسي والإنعزالية على مستوى الممارسة والحلقية على المستوى التنظيمي. وبغض النظر عن هذه التقييمات الشرعوية فإنه من الضروري التاكيد على أن الطرح الشرعوي أصبح منذ إنشقاق الجماعة في قطيعة تامة مع الفكر الشيوعي وفي تناقض كلي مع مكاسب الطرح الوطني الديمقراطي. ولتغطية إختياراته السياسية الداعية للوفاق الطبقي والمصالحة الوطنية بين الشعب ومضطهديه، يرفع "العود" راية "النضال" ضد الدغمائية والإنعزالية الخ... مثلما فعل من قبله المحرفون المعاصرون ويتحول رفاق الأمس إلى أعداء وأعداء الأمس إلى أصدقاء وحلفاء. فكل من يرفض شروط العمل القانون الحزبي كما يمليها النظام فهو دغمائي وإنعزالي وقد سبق لأصحاب "العود" أن عبروا عن هذا التوجه في نصّ " قراءات" حيث نجد في صفحة 2 ما يلي: "لا بد من تجميع شمل العائلة وكل من يؤمن بالعمل القانوني".

ا- فزاعة الدغمائية:
لقد نشا الخط الشيوعي -الماوي- والطرح الوطني الديمقراطي منذ نهاية الستينات في علاقة وطيدة بالحركة الشيوعية العالمية فكانت للم.الل. الماويين في تونس آنذاك إتصالات دائمة بالحزب الشيوعي الصيني وحزب العمل الالباني وجل الأحزاب الماركسية -اللينينية ونما الخط في صراعه الدائم ضد الطروحات اليمينية التي كان يمثلها آنذاك عملاء موسكو والأحزاب التحريفية والمسماة زيفا شيوعية وضد الأطروحات اليسراوية التي كان يمثلها جماعات الأممية الرابعة والأطروحات التروتسكية المنادية بالثورة الاشتراكية التي كانت تمثلها مجموعة" آفاق" ومنظمة" العامل التونسي" ولم يكن هذا الصراع صراعا فوقيا او جدالا نظريا عقيما بل كان صراعا ينطلق من واقع تونس والأقطار العربية عامة وكانت الأطروحات الخاطئة تصطدم بالواقع الملموس الذي تجسده التحقيقات الميدانية وبتحليل طبيعة المجتمع وتحديده آنذاك كشبه مستعمر وشبه إقطاعي وقد ساهمت جريدة "الشعلة" في رسم الخطوط العريضة للطرح الذى وقع تلخيصه في كتيب أصدرته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بتنسيق مع الماويين في الجبهة كما تصدت "الشعلة "عمليا في الحقل الشبابي والعمالي لكل الأطروحات الخاطئة فكان الصراع في الهياكل النقابية المؤقتة في الحركة الطلابية وبلورة مفهوم الطالب الوطني الديمقراطي في كراس و كان انشاء اتحاد العمال المهاجرين التونسيين(اوتيت) في تعارض والوداديات والمجموعة التحريفية ثم طور الم ال. الماويون بتونس أطروحات "الشعلة" فوقع إنتاج العديد من الدراسات إنطلاقا من الواقع نذكر منها ما يلي: دراسة طبيعة المجتمع انطلاقا من التحقيقات والإحصائيات كما وقعت بلورة مفهوم الأمة المضطهدة وانجاز دراسة حول المسالة القومية مدعومة بتراجم لنصوص ستالين في هذا المجال ووقع تناول تاريخ الحركة النقابية الذي تم إصداره في جريدة الشعب لسان الاتحاد العام التونسي للشغل وكتيب "الحركة النقابية والصراع بين الخطين" الى جانب ترجمة كتاب "الاضراب معركة" لوزفسكي و"خطان في الحركة النقابية "ف.كوتا وكان الهدف من ذلك محاربة التوجهات الحيادية واليمينية في الحركة النقابية وتحديدا العناصر الميالة للتبقرط والإستقرار البرجوازي الصغير وهي عناصر تحولت حاليا الى جزء لا يتجزا من البيروقراطية النقابية كما وقع إنجاز دراسة على "بن غذاهم" او إنتفاضة الفلاحين 1864 وخير الدين والإستعباد المالي كما وقع إصدار دراسة حول حركة الشباب التونسي 1905 و حول التروتسكية الجديدة الجزء الأول والثاني والتيار الإسلامي الظلامي وكتاب "ردا على حزب العمل الالباني" وكتيب ضد التصفوية بعنوان " التيار التصفوي من المزايدة الى الانهيار" وهو تتويج لنصوص صدرت في الجرائد العلنية مثل نص "وركعت قبيلة كحسنجاني" وكتيب حول الانتفاضة في فلسطين وكراسين حول حرب الخليج والعديد من التراجم في علاقة باشباه المستعمرات وبتراث الحركة الاممية الثورية ومجلة "عالم نربحه" الخ... من الإنتاجات المرتبطة كل الإرتباط بالواقع الملموس حول حقيقة النضال الوطني والصراع الطبقي وهي انتاجات حددت طبيعة السلطة في القطر وشكلها البوليسي العسكري من خلال ملفات عديدة تتناول الاوضاع الراهنة وحقيقة الانتخابات في تونس ودلالات المواثيق الوطنية واستنتجت عمليا وبالملموس ان الشكل الأساسي للنضال لا يمكن ان يكون الحزب القانوني الشرعوي المؤتمر بأوامر الرجعية أساسا خاصة في الأوضاع الحالية حيث هناك اختلال كلي لموازين القوى. ان نعت التراث المذكور أعلاه بالدغمائية وإعتبار جوهر المكاسب والإستنتاجات العملية التي توصل اليها الخط الشيوعي لمدة تفوق ثلاثين سنة دغمائية والإدعاء بان لينين إعترف بشرعية القيصر الخ... من التقليعات الشرعوية في قلب الحقائق التاريخية ويهدف هذا السلوك الى تبرير طلب التاشيرة من النظام وضرب شعار القطيعة السياسية والتنظيمية معه, هذا الشعار الذي تشبعت به الأجيال المناضلة. والى جانب تزوير التاريخ وتطويع الوقائع خدمة للشرعوية إعتمد "العود" الخلط بين النشاط العلني وبين الحزب القانوني الملتزم بالقانون الرجعي. فالحزب القانوني بالشروط الحالية حزب مكبل لا يخدم مصالح الجماهير لا حاضرا ولا مستقبلا بل انه ينجب كوادر إصلاحية وإنتهازية لا تخرج عن السياسة الإستعمارية الجديدة ويقع اللجوء اليها لتبييض وجه الأنظمة وإثبات أن المجتمع المدني موجود وان المعارضات مسموح لها بالتواجد القانوني في "دولة القانون", غير أن النشاط العلني يمكن ان يدعم الحزب الثوري كما ان الحزب الثوري يمكن ان ينشط في العلنية. وليس من قبيل الصدف أن وقفت عناصر "العود" عندما كان البعض منها في صلب الطرح ،وقفت ضد تأسيس الحزب الثوري وضد حتى ايجاد مستلزمات التأسيس وتشبثت بمقولة الناطق الرسمي وبأمثلة الجزائر و مثال" البكوت" –حزب العمال-الذي سبق له أن طلب التأشيرة القانونية وظلت العناصر تعرقل كل الأنشطة وتتكتل ضد الرفاق وتنعتهم بالدغمائية والإنعزالية من خلال ترويج الأكاذيب وحبك الدسائس...فعمدت الى تجميد البرنامج في إنتظار تنقيحه مقابل النشاط وفق التوجهات القانونية والشرعوية- وإعادة نقاش قضية العمل القانوني وطرح التاسيس على هذا الأساس-التهجم المباشر على الخط والشروع في تشكيل تكتل نقابوي شرعوي اعلن رفضه للقرارات الجماعية وكرس الإنشقاق.
إن نضال الخط الشيوعي الماوي ضد الإنحرافات المذكورة لا ينفي البتة وجود العديد من الحلقات الوطنية الديمقراطية التي ساهمت من موقعها اما في فضح إنتهازية المرتدين أو في تزكية بعض أطروحاتهم وعلى العناصر النزيهة ان تعلن موقفها تمارسه عمليا لأن الخط الم.الل. ليس ملك فصيل دون سواه كما ان الطرح الوطني الديمقراطي لم يات من لا شئ و ليس هو وليد السبعينات او الثمانينات كما يحلو للبعض ترديده. ان من لا يعرف اصوله وجذوره او يرفض الحقائق التاريخية لن يدرك بالتاكيد مستقبله ولن يعرف التحرر.
ب- فزاعة الإنعزالية:
إن كل المعطيات تدل على ان تجربةالشيوعية-الماوية- خلال العقد المنقضي لم تكن تعاني من داء الإنعزالية قبل إنشقاق مجموعة" العود" بل إن مجرى الصراع والوثائق المنبثقة عنه تثبت ان المرض الأساسي الذي كانت تحمله العناصر النقابوية المنهارة او المحبطة يتمثل في داء الإقتصادوية والنقابوية تحديدا وهو داء ابتلع العديد من العناصر الحيادية وإستمال البعض الآخر وهي عناصر متواجدة حاليا في الهياكل القيادية لبعض النقابات او الجمعيات. وبما ان العناصر الشيوعية الصامدة واصلت كشف هذه الإنحرافات المتناقضة كليا والأهداف الإستراتيجية والتكتيكية في مختلف حقول النشاط وطرحت ضرورة تعديل السلوك اليومي وفق ما تتطلبه هذه الأهداف من مهام والإعداد الجدي لمستلزمات تاسيس الحزب الثوري فقد تفطنت العناصر الشرعوية إلى أن مثل هذا التوجه الثوري لا يخدم طموحاتها المتمثلة في التحول الى حزب قانوني يتمعش من الفتات ويحاول تجميع كل العناصر المنهارة والمرتدة والتي لم تعد قابلة الى أي نشاط عدا النشاط القانوني المريح والذي لا يكلفها حسب زعمها مخاطر التطاول على القانون.
لقد اصبح الفكر الم.الل.الماوي انعزاليا حسب "العود" عندما تصدى بكل قوة الى الإنحراف الشرعوي الذي تحول لاحقا الى طرح إنتهازي تصفوي. وتاريخ الفكر الشيوعي في تونس يثبت عكس إدعاءات "العود" فقد كان الفكر متواجدا في اهم مواقع الإنتاج والسكن وينشط وفق خلايا المعامل والأحياء وتمكن الطرح الوطني الديمقراطي من التواجد في اهم النقابات والأنشطة الشبابية ذات الطابع الجماهيري وكان حاضرا الى جانب الجماهير في الأحداث الهامة مثل 26 جانفي78 التي عرفت استشهاد المناضلين الصامدين مثل حمادي زلوز وغيره ومحاكمة العديد من الناشطين بل ان صمود التنظيم الشيوعي الماركسي اللينيني كشف انهيار البعض حتى خارج السجن اولائك الذين اصدروا برنامج الحرية السياسيةّ" الحس" في محاولة يائسة لجر التنظيم الى طرح يميني يطرح التطبيع مع النظام انذاك وبالرغم من تواجد العناصر القيادية في السجن فقد نجح الم.الل. بعد صراع طويل في كشف العناصر التي وقفت وراء هذا الطرح اليميني والتي تقاعدت مبكرا لكنها رجعت الآن مع "العود" كما كان الم.الل. في مقدمة إنتفاضة الخبز وقادوا العديد من المظاهرات واثروا في نوعية الشعارات كما صمد الفكر في وجه البيروقراطية النقابية التي حاولت مرارا تجريد الشيوعيين وطردهم لتسهل محاكمتهم وتجويعهم ووقف الشيوعيون رغم كل ذلك الى جانب الاتحاد العام التونسي للشغل عندما تعرض الى التصفية في 85 كما نزل الوطنيون الديمقراطيون الى الشوارع اثر حرب الخليج 91 وساندوا حركة الشبيبة في المعاهد والجامعات وخاصة في دعم النضال الجماهيري في فلسطين والتنديد بسياسة الإستيطان الصهيوني وتدل الوثائق الصادرة علنا في الصحافة القانونية او بصفة شبه علنية وسرية ان الخط الم.الل.الماوي انذاك لم يكن يشكو من إنحراف إنعزالي بل إن كل النصوص او الصور والملصقات او الشعارات كانت تعبر احسن تعبير عن واقع الشعب وطموحاته نحو التحررو وحقه في الثورة.
تهدف فزاعة الإنعزالية إلى تشويه الخط الشيوعي والطرح الوطني الديمقراطي وضرب كل المكاسب التي توصل اليها الخط خلال العقود المنقضية في محاولة لعزل العناصر الثورية وإعتماد كل الوسائل لتشويهها... وغاية "العود" من خلال هذا السلوك هي محاولة السطو على الشرعية التارخية والنضالية للفكر والتقدم كوريث قانوني وافراغ الخط من محتواه الطبقي والنضالي.
ج- حجة الحلقية:
بالفعل مازالت الحلقية تنخر كيان المجموعات الوطنية الديمقراطية وهي إنعكاس مباشر للتوجهات الإقتصادوية وتجسيد للعمل الحرفي الذي حال دون تحول العديد من المجموعات الى كيانات سياسية محترفة باتم معنى الكلمة. ويحمل العمل الحرفي معه كل انواع الإنحرافات السياسية من الاقتصادوية الى الحياد والعفوية مرورا بالارتجالية واللهث وراء الحدث بدون بوصلة. ان الدواء الوحيد للعمل الحرفي هو تحول العناصر الشيوعية الى منظمة محترفة تعمل وفق برنامج واضح وطبقا لنظام داخلي واضح المعالم ووفق خطط واضحة تحدد الأهداف الآنية وترتقي بمستوى المنظمة الثورية ومستوى الحركة الشعبية معا حسب تطور درجة الصراع الطبقي والنضال الوطني.
لقد ناضل الشيوعيون في تونس دوما ضد الحلقية وتوصلوا في ثلاث مناسبات الى طرح تاسيس الحزب الشيوعي بصفة عملية وتوجهوا في مناسبات عدة الى كل المجموعات الوطنية الديمقراطية من اجل توحيد الصفوف وتم الحوار معها عن طريق الرموز لكن تشبثت المجموعات بالنشاط "المستقل سياسيا" مع اقرار التنسيق النقابي مع البعض فقط وكانت التعلات آنذاك عديدة مثل التقييم المختلف للتجربة الصينية ولماو تسي تونغ تحديدا وعدم نضج الظرف لطرح تاسيس الحزب والتشبث في الحقيقة بواقع العمل الحرفي. وتمكن الخط الم.الل. الماوي من بلوغ درجة الإحتراف في مستوي المهام الأساسية إستعدادا لتأسيس حزب الطبقة العاملة وتحويل الفكر الى هيبة المؤسسات الحزبية ووقع إعداد كل مستلزمات المؤتمر التاسيسي غير ان العناصر البرجوازية الصغيرة عرقلت هذا التحول و تسببت في إنشقاقات فكان النضال ضد الإنعزالية في السبعينات والنضال ضد التصفوية القومجية في الثمانينات وضد الشرعوية في التسعينات التي تشبثت بمقولة الناطق الرسمي وشعار اما التاسيس القانوني في ظل حكم النظام الاستعماري الجديد او لا شيئ وبذلك فان "العود" الذي يزايد حاليا بالتحزب القانوني كان اول من عرقل عملية التحول علما وان التاسيس القانوني هو تاسيس شكلي لا علاقة له بالحزب الثوري لا على مستوى البرنامج ولا في محتوى التكتيكات ولا على مستوى طبيعة العلاقة مع الجماهير واساليب الدعاية والتنظيم.
لقد اتهم "العود" الطرح الوطني الديمقراطي بانه نكرة بدون هوية وبدون جسم في حين ان الحقيقة هي عكس ذلك وهي حقيقة يدركها جماعة "العود" جيدا اذ تجنبوا دوما الإمضاء بإسم الهوية التنظيمية محليا ونظرا لتخوفات امنية بالنسبة للبعض ولمتطلبات النشاط السري للبعض الآخر وقع الإتفاق بعد صراعات طويلة على ضرورة الإمضاء باسم الجريدة للنصوص "الواسعة" وباسم المجلة للدراسات والتراجم والملفات وبتسميات مختلفة تحمل المضموم الوطني الديمقراطي وتتخذ في بعض الأحيان مجرد شعار في الملصقات واليوميات والصور مثلا. كما ان الجرائد التي كانت تصدر سواء في الهجرة او محليا كانت تحمل الهوية التنظيمية مثل "النجم الاحمر" و"دليل الممارسة" او" الكادح"و"العلم الاحمر" هذا فضلا عن بقية مكونات "الحلقات الوطنية الديمقراطية "التي كانت تصدر هي الاخرى المناشير والنشريات الممضاة –علما وان ايجابيات او سلبيات تجارب الحلقات الوطنية الديمقراطية-التي لاتزال متمسكة بالعمل الحرفي- ليست موضوع الدراسة الحالية- ويشهد التراث الذي لن يقدر "العود" محوه ان الهوية كانت واضحة خاصة بالنسبة لبعض المجموعات الأكثر تنظما والتي وضعت دوما قضية التاسيس كمهمة مركزية عاجلة حاولت الإنتهازية تصفيتها لتجعل منها مهمة شكلية مثلها مثل الأحزاب الشكلية المعتمدة كديكور لا غير. لكن" العود" يريد ان تصدر الهوية في الرائد الرسمي وان يوافق النظام عليها والا فإنها تعتبر هوية نكرة. وقد وجدت بالفعل الهوية النكرة والتي دافع عنها اصحاب "العود" تهربا من التنظم الثوري وكانوا دوما يلزمون الحياد ويتجنبون "تهمة" التنظم. لقد كانت عناصر" العود " ابرز العناصر في مجال التهرب من العمل السياسي بل انها كانت تحترز حتى من التفرغ النقابي خوفا من فقدان عملها لكن الآن بعد أن ذاقت ملذات التمعش والإمتيازات أصبحت جزءا لا يتجزء من البيروقراطية النقابية مستعدة لكل شيئ من اجل الحفاظ على موقعها في النقابات والجمعيات...

II// جوهر برنامج العود:
إنه من الأهمية بمكان الإشارة قبل كل شيئ الى ان برنامج "العود" يكتفي بتعداد أهداف عامة ويتجنب كليا الحديث عن طبيعة المجتمع في تونس وعن طبيعة النظام. فمن المفروض ان يكون البرنامج نتاجا "لتشخيص"واقع معين خاصة وان "العود" يتبجح بقدرته الفائقة على التشخيص والتمحيص ويتهم الآخرين بأنهم دغمائيين يجهلون الواقع. فلماذا تجنب "العود" التعرض لواقع تونس وواقع الطبقات الإجتماعية فيها؟.. لأنه بكل بساطة يتجنب ذكر حقيقة النظام في تونس تحديدا ويخفي بانه مجبر وفق القانون على الإعتراف بان تونس بلد مستقل له مؤسساته الوطنية المنتخبة ديمقراطيا. وهو يتجنب طبعا المواجهة مع النظام رغم تبجحه في كل مكان بانه يريد خوض المعارك دون تحديد طبعا طبيعة هذه المعارك وشكلها. لذلك فان برنامج "العود" برنامج شكلي تحدده المستلزمات القانونية ولا علاقة له بتحليل الواقع ولا بضرورة تغييره ثوريا بل انه يرى في الواقع ما يسمح به القانون فقط ولا يطرح التغيير الثوري بل يلتزم شكلا ومضمونا بما يسمح له القانون الرجعي أي انه إختار طريقة التفاوض من موقع ضعف يكون فيها النظام دوما الرابح الأول وبذلك لا يختلف برنامجه في شيئ عن برنامج حزب الوحدة الشعبية او عن برنامج"حركة التجديد" وهو بذلك لا ياتي بالجديد.
لقد اعترفت المجموعة في القانون الأساسي وفي البرنامج انها تنتمي الى"الفكر الإشتراكي" وهي "جزء من الحركة الإشتراكية التقدمية العالمية" وهي" تثمن كل التجارب...على تنوع أشكالها وتعددها بعيدا عن الإيمان الإطلاقي بنماذج شمولية احادية".
ان حقيقة هذا الخطاب والذي سبق ان دافع عنه رموز" العود" في جريدة "الإعلان" هو نفي التراث الشيوعي وكل ما حققته الحركة الشيوعية من مكاسب في نضالها ضد الإشتراكية الديمقراطية او الديمقراطية الإجتماعية هذا التيار الذي أصبح تيارا برجوازيا منذ بداية القرن الماضي. فإعتبار العود نفسه "ّجزءا من الحركة الإشتراكية" حاليا هو إعتراف لا غبار عليه بان المجموعة تنكرت نهائيا للحركة الشيوعية والماوية كتطوير خلاق للماركسية ولبناء الإشتراكية في عصرنا وفي اشباه المستعمرات تحديدا والتحقت علنا بما يسمى بالأحزاب الإشتراكية مثل الحزب الإشتراكي الإسباني أو الفرنسي.
لقد تمّ انفصال الحركة الاشتراكية عن الحركة الشيوعية منذ بداية القرن الماضي اثر خلاف جوهري يتعلق بجوهر الماركسية والمتمحور حول مقولة الصراع الطبقي. ففي حين تمسكت الأحزاب الشيوعية بمبدأ الصراع الطبقي والنضال الوطني دافعت الأحزاب الإشتراكية عن الوفاق الطبقي وعن إمكانية التحول السلمي عن طريق انتخابات تتحكم فيها الطبقات الحاكمة كليا. واصبحت هذه الأحزاب" الاشتراكية" في اشباه المستعمرات مبنية على أساس الإعداد لخوض الإنتخابات والحصول على الدعم المادي على حساب عرق جبين الشغالين والتمعش من الفتات التي تقدمه السلطة لمثل هذه المعارضات.
ان البرنامج لا يحمل أية إشارة إلى علاقة الطبقات الحاكمة في تونس بالإمبريالية فالقانون الأساسي يعترف ضمنيا "بالإستقلال الوطني" و"العود" يعتبر نفسه" قوة بناءة في خدمة تطوير المجتمع في القطر التونسي وترقيته ماديا ومعنويا". فالبرنامج يطمس اذن احد التناقضين الأساسين ألا وهو التناقض الأساسي والرئيسي بين الإمبريالية والطبقات الحاكمة في تونس من جهة وبين الطبقات الشعبية من جهة ثانية وبطمس هذا التناقض وتجنب ذكره او التلميح اليه يطمس اصحاب العود المسالة الوطنية لذلك لا اثر للنضال ضد الإمبريالية على المستوى القطري ولا كلمة حول مصادرة املاك الإمبرياليين واكتفى البرنامج" بالتصدي للإنعكاسات السلبية للعولمة".
و يعدّ حذف النضال الوطني من جدول اعمال الوطنيين الديمقراطيين قطريا مع الاحتفاظ بشعار "تحرير الوطن العربي من الهيمنة الامبريالية" ضرب من الإنتهازية التي تتلون حسب رغبات النظام وتجسد مبدأ القطيعة بين المقول والممارس فالمسالة الوطنية مطروحة في فلسطين والعراق لكنها غير مطروحة في تونس بما ان هذا القطر مستقل. وتبعا لمثل هذا المنطق يقع حشر الطبقات الحاكمة في صف الطبقات الشعبية او بالأحرى لا يقع إعتبار البرجوازية الكمبرادورية وكل انواع السماسرة وملاكي الأراضي الكبار جزءا لا يتجزا من النظام الإمبريالي وعملاء في خدمة سياسة الإستعمار الجديد وبذلك يقع إضفاء الطابع الوطني على الطبقات الحاكمة.
وحسب هذا المنطق يصبح كل شيئ جائزا " فالتمسك بسيادة القانون" او" تربية جماهير الشعب من أجل سيادة القانون" او " التداول السلمي والدوري على السلطة التنفيذية وترسيخ سيادة القانون" وكل هذه المبادئ الواردة في القانون الأساسي تتماشى وجوهر الطرح الإنتهازي الذي يدافع عنه أصحاب العود ويقع تبرير مثل هذا الطرح بالنضال ضد الدغمائية وضد الإنعزالية و"الإرهاب" و"التطرف" وما الى ذلك من التهم الموجهة الى الشيوعيين الذين يتحولون الى اعداء ويصبح النظام شرعيا يمكن التعامل معه والنشاط في إطاره وتحت أوامره. وقد بلور العود هذه المفاهيم في نصه "حول التاسيس"عندما قال"علينا ان نتكيف مع الظروف الجديدة ونحافظ على جوهرنا ونغير أساليب عملنا...فلم تعد مرحلة العمل السياسي التآمري ولم تعد مرحلة النواة المغلقة المفوضة دون حسيب او رقيب...ولم تعد مرحلة الأجهزة والمنظمات شبه العسكرية وفق الخط الممركز والأفق الأقصى كل ذلك اصبح غير وارد من قريب او من بعيد" (لكنه مسموح به و وارد بالنسبة للأحزاب الحاكمة وللبرلمانات المنصبة) ويعكس هذا التصور التنظيمي واقع "العامل الذاتي الذي اصبح مؤهلا اكثر من أي وقت مضى لمثل هذه الخطوة" أي العودة الى الشكل التنظيمي لأصحاب الأممية الثانية وهو شكل اثبتت التجارب الثورية عقمه وانسداد الأفق إمامه لأنه بالفعل يقتصر على مجرد نخب منصبة ومتمعشة من العمل السياسي تعتمد تشكيل المعارضات الواسعة من اجل إعدادها للإنتخابات لا غير وهو الشكل التنظيمي الذي يناسب فعليا طبيعة عناصر" العود" التي انحدرت من تجارب مختلفة وظلت ماسكة ببعض المواقع النقابية والجمعياتية ولم يبق امامها سوى النشاط وفق القانون الرجعي خاصة وانها مورطة منذ زمان مع البيروقراطية النقابية والعديد من المسؤولين الإداريين. ويتناقض مفهوم الحزب لأصحاب" العود" مع المفاهيم المتداولة في تراث الحركة الشيوعية ويتظاهر العود بانه أبدع في هذا المجال وتاقلم مع المستجدات في حين انه رجع الى مفهوم المرتد كاوتسكي أي الى مفهوم التجميع على أساس معارضات واسعة أو تجمع يحتوي على كتل تتشكل وفق التشكل البرلماني بحيث نجد جماعة اليمين والوسط واليسار وهو مفهوم قديم أعاد "العود" إصداره باسم الحداثة والتجديد.

/III / الممارس العملية تكشف طبيعة العود :
لقد تبين ان جوهر برنامج الجماعة يدور اساسا في اطار النظام السائد ويتعهد بتربية الشعب بإتجاه المشاركة في لعبة الديمقراطية الإستعمارية ويبث الأوهام حول إمكانية هزم النظام الإستعماري بإعتماد الإنتخابات التي تدير الرجعية المحلية كل خيوطها من البداية الى النهاية بما في ذلك الأسماء المرشحة للفوز. فالبرنامج هو برنامج إصلاحي بالمعنى الإنتهازي للكلمة لأنه يساهم في التنفيس على النظام القائم وفي بث الأوهام حول إمكانية التغيير في حين ان الإصلاح لفائدة التغيير الثوري يوسع هامش التحرك امام الجماهير ويضيق الخناق على النظام ولا يمكن لبرنامج تشبع بمفاهيم المصالحة الوطنية والوفاق الطبقي ان يتحول بعصا سحرية الى برنامج ثوري كما لا يمكن لعنصر تربى في أحضان الإنتهازية السياسية وتشبع بسلوك حبك الدسائس ان يصبح عنصرا يتحلى بالإستقامة الثورية وبإيجاز فإن جوهر برنامج " العود" لا يمكن له ان ينجب سوى عناصر على شاكلة المعارضة الصورية اي الكرتونية .
لقد اعلن " العود" منذ البداية لونه السياسي وتموقع الى جانب "أعداء الأمس"،" حركة التجديد" والشيوعيين الديمقراطيين ونشط في "المبادرة الديمقراطية" بكل عناصره وخاض معركة الإنتخابات "ارقي أشكال المعارك"-حسب زعمه- معركة الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية وقدم من خلال نشاطه هذا شهادات الولاء للنظام ودلل على انه جدير بالثقة وبالتمتع بالتاشيرة القانونية وبالرغم من مشاركته المفضوحة في الإنتخابات ودعمه لمرشح المبادرة الديمقراطية علما وان القانون ينص على ضرورة تزكية قائمة في الإنتخابات في صورة عدم الترشح(ملحق.1) والإمتناع عن المقاطعة بالرغم من ذلك واصل العود الإدعاء بأنه يقاطع الإنتخابات واثبت بذلك ازدواجية خطابه وكشف سلوكه الإنتهازي.
إن" العود " يحلم ويبيع الأحلام والأوهام مثله مثل وسائل الإعلام الرسمية فهو يعد الشعب بإمكانية وجود "دولة قانون"او "مجتمع مدني" في ظل أشباه المستعمرات وفي ظل انظمة عميلة يكاد يقتصر دورها على توفير الإستقرار للنظام الإمبريالي. كما انه يحلم بالتحول الى طرف إجتماعي مسؤول له كلمته في رسم السياسات ويتجاهل ان جوهر السياسة يقع تحديدها من قبل الدوائر الإمبريالية العالمية وما عليه وعلى أمثاله إلا التطبيق الحرفي ويتحول الحلم الى حقيقة فيعتبر" العود" نفسه طرفا إجتماعيا ويتصرف من موقعه "كمسؤول" فيتعامل مع من يرضى عليه النظام ويشهر بكل المعارضين وقد انكشف سلوكه هذا في النشاط السياسي اذ اصبح يعادي كل من لا يتفق معه حول الحزب القانوني في الظروف الراهنة(ملحق.2) او ينقد موقفه من الإنتخابات الأخيرة وتحوله الى عجلة خامسة في "المبادرة الديمقراطية"...
اما على المستوى النقابي فقد كشفت الأحداث وقوف أصحاب" العود" إلى جانب البيروقراطية النقابية بحيث تحولت عناصر "العود" إلى وشاة لدى المكتب التنفيدي للاتحاد العام التونسي للشغل او لدى عناصر لجنة النظام الداخلي-بوليس النقابة- من خلال تحديد الهوية السياسية لكل العناصر النشيطة وفبركة التهم وإفتعال المعارك لمحاولة عزل النقابيين الصامدين كما وافقت عناصر "العود" في التعليم الثانوي على جوهر سياسة مدرسة الغد ومجلس المؤسسة وقضية التعلمات بحيث تركت كل الملفات مفتوحة ولم يبق امام الإدارة إلا التطبيق والإنفراد بالقواعد دون تدخل عناصر "العود". كما أن عناصر" العود" الموجودة في بعض الإتحادات الجهوية والتي يقع دوما تزكيتها من البيروقراطية النقابية فقد وقفت اكثر من مرة الى جانب الأعراف ولعبت دور رجل المطافئ في إخماد لهيب الصراع الطبقي وإفشال النضالات بتعلة واقع الجزر وضعف القوى وامكانية غلق المؤسسة...وفي الحركة الطلابية، تموقعت عناصر "العود" مع مجموعة الشيوعيين الديمقراطيين-المنخرطة في المبادرة الديمقراطية- التي سهلت عملية عودة الدساترة(الحزب الحاكم) الى الاتحاد العام لطلبة تونس وساهمت في التضييق على الأطراف الأخرى.
إن سلوك عناصر" العود" مبني أساسا على حبك الدسائس والعمل في الزوايا دون تشريك القواعد بل المراوغة في تحديد رزنامة المؤتمرات النقابية وإعتماد المباغتة لإعادة تنصيب نفس الوجوه الانتهازية المتمعشة من النشاط النقابي والجمعياتي وتجنب الصراع النقابي المفتوح والنقاش السياسي بل إعتماد أسلوب التشويه وترويج الأكاذيب حول المناضلين الصامدين والرافضين للنقابة المساهمة التي يدافع عنها "العود" من اجل الإحتفاظ بالموقع ومواصلة التمعش والتمتع بالعديد من الإمتيازات.
و يتناقض السلوك اليومي لجماعة " العود" كليا وبعض الشعارات الواردة ببرنامجهم مثل الديمقراطية وحرية التعبير... فهو يتظاهر بتبني الديمقراطية ويمارس التسلط ويرفض تشريك القواعد بل ينفرد بتحديد القرار مع البيروقراطية النقابية ويحاول تمريره بكل الوسائل مثلما فعل العديد من المرات في نقابة التعليم الثانوي من خلال فبركة لقاء الجهات والتخلي عن حقه في هيئة ادارية بالتنسيق مع البيروقراطية النقابية لذلك تصبح تلك الشعارات زائفة لا اساس لها من الصحة وتهدف رئيسيا الى مغالطة القواعد.
وكخلاصة لما سبق يمكن التاكيد على الحقيقة التالية: لقد سبق لبعض عناصر" العود" أن انتمت للطرح الوطني الديمقراطي ولكن بفعل تبقرط العناصر وإحترافها إداريا وتورطها ماليا ومعنويا فقد تحولت نوعيا واعلنت عن تبنيها سياسة السلم الإجتماعية والوفاق الطبقي على حساب الشغالين وأصبحت بذلك في تناقض تام والطرح الوطني الديمقراطي ولم تعد تنتمي اليه لا من قريب او من بعيد فهي تزور الواقع بما انها لا ترى فيه سوي ما يسمح به القانون وهي لا تريد تغيير الواقع بل تكتفي بالمساهمة في إدارة الأزمة الإمبريالية من خلال ما يسمح به القانون كذلك. فهي لا تقدم اذن المجتمع البديل وتصبح الشعارات حول العدالة الإجتماعية والرفاه مجرد شعارات للتضليل.
ولم يعد أمام " العود" وإمام رموز الأوطاج او الأوطاد سوى الإلتحاق بمكونات "المجتمع المدني". لذلك على كل وطني ديمقراطي ثوري ان يكشف حقيقة " العود" انطلاقا من برنامجه وقانونه الأساسي وخاصة ممارسته العملية وان يبين للمناضلين الصامدين ان عناصر "العود" عناصر مرتدة لا علاقة لها بمكاسب الطرح الوطني الديمقراطي وان التحاق العناصر المحبطة بالمعارضات الشكلية لا يعني اندثار الفكر الشيوعي والخط وتوقف المقاومة. ان المقاومة متواصلة وستثبت للمرتدين ان الطرح الوطني الديمقراطي لن يتحول الى مجرد تسمية مفرغة من محتواها الطبقي مثل ما هو الحال في مصر او سوريا بل سيصمد امام هجمات الأنظمة العميلة وسيواجه اكاذيب الإنتهازيين متمسكا بايجابيات التجربة وفي قطيعة مع سلبيات الماضي.2005

ملحق: (1)
هل تعلم؟ هل تعلم ان قانون الأحزاب في تونس يشترط عليك حتمية المشاركة في كل الإنتخابات وبدون إستثناء. كما يفرض عليك القبول بسياسة المصالحة الوطنية والإنخراط في السلم الإجتماعية على حساب الشغالين والتخلي ضمنيا عن مبدا الصراع الطبقي والنضال الوطني. وهذا ما ورد في تنظيم الأحزاب السياسية القانون عدد32 والمؤرخ في 3 ماي 88 اذ نجد في الباب الأول من المبادئ العامة ما يلي= " المشاركة في الإنتخابات المنصوص عليها بالدستور والقانون و بتقديم او بتزكية الترشحات اليها.
الفصل2 يعمل الحزب السياسي في نطاق الشرعية الدستورية والقانون.
وعليه ان يحترم ويدافع خاصة عن=
- الهوية العربية الاسلامية
- حقوق الإنسان كما ضبطت بالدستور وبالإتفاقات المصادق عليها من طرف الجمهورية التونسية.
- مكاسب الأمة وخاصة منها النظام الجمهوري وأسسه ومبدأ سيادة الشعب كما نظمها الدستور والمبادئ المتعلقة بالأحوال الشخصية.
- وعليه أيضا، أ- نبذ العنف بمختلف أشكاله والتطرف والعنصرية وكل الأوجه الأخرى للتمييز. ب- اجتناب تعاطي أي نشاط من شانه ان يمس بالأمن القومي والنظام العام وحقوق وحريات الغير.
--------------------
ملحق: (2)
رأي حول التأسيس:
أعلنت المجموعة الشرعوية عن تاسيس ح.العمل الو. الد.(ح. العود)وإعتبرت كل من لا يساند هذا الحزب إنعزاليا أو حرفيا متمسكا بالنشاط الحلقي الخ...فما هي حقيقة الصراع مع مجموعة "العود"؟
وبدون الرجوع الى جذور الصراع يمكن القول ان جوهر الخلاف يتمحور حول القضية الأساسية التالية: هل نؤسس حزبا قانونيا ينخرط في المصالحة الوطنية ويقر بالتداول السلمي على السلطة وبالوفاق الطبقي بين الشعب ومن يضطهده او نؤسس حزبا ثوريا يدعم النضال الوطني ويتصدر الصراع الطبقي ويساعد الشعب على اخذ مصيره بيده بإتجاه التحرر؟ لذلك فان الصراع الذي دار ويدور الآن ليس حول التاسيس في المطلق كما تدعي مجموعة "العود" لكن حول طبيعة الحزب الذي تروم القوى الثورية تاسيسه. كما أن الصراع لا يدور حول اشكال النضال والتنظيم مثل النشاط القانوني وغير القانوني او السري والعلني الخ...كما تحاول المجموعة ايهام البعض بذلك بل ان الصراع يدور حول مضمون التاسيس والأسلوب الأساسي والرئيسي لتحرير اشباه المستعمرات من الهيمنة الإمبريالية والتخلف الإقطاعي. غير أن مجموعة "العود" تلهث وراء التاشيرة القانونية وتؤقلم محتوى دعايتها وسلوكها اليومي وفق ما هو مسموح به امبرياليا ورجعيا فهي تقبل بكل الشروط المحددة من قبل النظام الإستعماري الجديد وتساهم في إدارة أزمته وتكتفي بالتحرك في إطاره.
إن تحديد الموقف من اية مجموعة يتم أولا إنطلاقا من الخط المعلن عنه ثم بالنظر الى الممارسة اليومية لمنخرطيها والتثبت من مدى تطابق المقول مع الممارس. وخط حزب" العود" مبني أساسا على سياسة الوفاق الطبقي ويقر نظريا وعمليا بالتداول السلمي على السلطة في إطار الشرعية القانونية وهو خط في تناقض تام مع ما حققه الطرح الوطني الديمقراطي من مكاسب ونذكر منها دعم القطيعة السياسية والتنظيمية مع نظام العمالة. أما على المستوى العملي، فقد كرست ممارسة أعضاء المجموعة الشرعوية هذا التوجه الإصلاحي اليميني بإنخراطها في "المبادرة الديمقراطية" والمشاركة الفعلية في الإنتخابات إلى حد التطبيل والتزمير رغم إدعائها المقاطعة. وأما على المستوى الجمعياتي والنقابي، فقد برهن أعضاء المجموعة على تحولهم الى عناصر بيروقراطية تتفق جوهريا على ما تطرحه السلطة من حلول وتقف ضد تطلعات القواعد وضد المكاسب الوطنية الديمقراطية التي ضحى من اجلها العديد من الشهداء. لقد أحدثت انتخابات اكتوبر الماضية فرزا جديدا وبينت للعيان من التحق بالمعارضة الصورية التي ناضل ضدها الطرح الو.الد. منذ بروزه ومن قاطع الإنتخابات المهزلة وإتجه نحو تطوير مكاسب الفكر الشيوعي والطرح الوطني الد.على ارض الواقع.
----------------
الوثائق المعتمدة: برنامج حزب العمل الو.الد.-القانون الاساسي- نص حول التاسيس-
نص داخلي بعنوان "قراءات".
المصطلحات:
*العود:حزب العمل الوطني الديمقراطي.
**البوكت:حزب العمال "الشيوعي" التونسي
***"الحس": الحرية السياسية انظر -حقيقة حزب العمال الشيوعي التونسي الجزء الثاني :الحرية السياسية برنامج اصلاحي
نسخت التيارات الإصلاحية والإنتهازية برنامج "الحس" الذي طرحه لينين قبل ثورة اكتوبر على واقع المستعمرات و أدى هذا الطرح الإصلاحي عمليا إلى طمس المسألة الوطنية وتشويه مفهوم الديمقراطية وتبرير التعامل مع الأنظمة اللاوطنية والنشاط وفق شروطها وفي حدود ما تسمح به الرجعية.
2005

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق