الجمعة، 22 أبريل 2011

حقيقة "الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في تونس

 


 

"الهيئة العليا لتحقيق اهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي"... تونس
قبل تناول حقيقة الهيئة العليا وأهدافها فانه من الضروري الوقوف عند بعض المسائل التي تساعد على فهم طبيعة هذه الهيئة وأهدافها السياسية مثل:التسمية ، و التركيبة و الظروف التي أحفت بتكوينها .
1 المكونات
إن الاسم الكامل للهيئة هو "الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي"
أ- إن صفة "عليا" تعني ضمنيا أن لا أحد يعلو على سلطة الهيئة بالرغم من أن قراراتها أو اقتراحاتها تظل رهن موافقة الحكومة المؤقتة والرئيس المؤقت. و "تحقيق أهداف الثورة" جملة تحتوي على مغالطة ومكر كبير ، فهي أولا توحي بأن الحكومة التي كونت هذه الهيئة حكومة ثورية في حين أنها حكومة عميلة ومعادية للشعب سواء كانت برئاسة الغنوشي أو برئاسة السبسي وهي تمثل النظام القائم منذ الخمسينات وتدافع عن المصالح الامبريالية في القطر ، ثانيا تمكن هذه الجملة الحكومة بل النظام من ركوب شعارات الجماهير وطموحها للثورة فتوهمها بأن الذي حدث هو الثورة بعينها وأن المطروح الآن هو الهدوء والانضباط للحفاظ عليها وتمكين الحكومة – عن طريق هذه الهيئة – من تحقيق أهدافها ، وقد سهلت الأحزاب الرجعية والإصلاحية بشعاراتها الزائفة مهمة الحكومة في هذا الاتجاه . وتحمل التسمية تناقضا واضحا ، فهي من جهة تعمل على تحقيق أهداف "الثورة" ومن جهة ثانية تعمل على تحقيق الإصلاح السياسي وهو مفهوم مناقض تماما لمفهوم العمل الثوري . ويكشف هذا التلاعب بالألفاظ طبيعة الهيئة المنافقة وأهدافها الحقيقية ، فهي لا علاقة لها إطلاقا بالثورة بل هي تسعى إلى إعادة ترميم أركان النظام التي اهتزت بفعل الانتفاضة الشعبية وإلى رص صفوف الطبقات الحاكمة وتركيزها من جديد في مواقع النفوذ . وفي النهاية نجد مصطلح "الانتقال الديمقراطي" وهنا لابد من الإشارة إلى أن الهيئة بعدما شوهت كلمة ثورة وخلطت الأوراق بهدف مغالطة الشعب والتظاهر بتبني مطالبه فهي هنا تشوه مفهوم الديمقراطية التي لا تعني في الحقيقة التعددية فقط . إن الديمقراطية في مرحلة التحرر الوطني الديمقراطي تعني أولا وقبل كل شيء تحرير الفلاحين والقيام بالإصلاح الزراعي وفق شعار الأرض لمن يفلحها وقد سبق لحزب العمال أن سخر من هذا الشعار واعتبره ضربا من الشعبوية ... لكنه أجبر حاليا على الاعتراف به لكسب ود الجماهير في الريف من اجل ضمان بعض المقاعد في الانتخابات وتعني الديمقراطية كذلك المساواة التامة بين المرأة والرجل وتمتع الشعب بكل الحريات العامة والفردية. وهكذا تعكس التسمية تخبط النظام في تناقضاته ومحاولة فرض سيطرته من جهة ومغازلة الشعب وإطلاق وعود "الانتقال"-التحول- الديمقراطي من جهة ثانية.
ب- لقد وقع تعيين هذه الهيئة في البداية من قبل حكومة الغنوشي ثم وقع تحوير تركيبتها في ظل حكومة الباجي قائد السبسي البورقيبي المعروف منذ ما يزيد عن خمسين سنة بقمعه ومعاداته للشعب ، فكيف يمكن لمثل هذا العميل المسن أن يفهم وأن يقبل تطلعات الشعب نحو استرجاع الأرض والحرية والكرامة الوطنية ؟
هذه الهيئة إذا غير شرعية ولم ينتخبها احد فهي منبثقة عن حكومة منصبة –حكومة بن علي في البداية-ثم الحكومة الثانية التي تحاول حسم تناقضاتها مع بقايا بن علي وإعادة الاعتبار للدساترة وللاخوانجية من أجل ضرب مطالب الشعب والتصدي لليسار الحقيقي من خلال استمالة اليسار الانتهازي أمثال حزب العمال والعائلة الوطنية الديمقراطية التي شوهت مفهوم الوطنية والديمقراطية كما فعل مبارك في مصر .
ج- تتركب الهيئة العليا... أولا من أحزاب تلهث وراء المقاعد وثانيا من ممثلين عن الهيئات والجمعيات ومكونات المجتمع المدني و ثالثا من شخصيات "وطنية" وقع التضخيم في عددها ورابعا من ممثلي الجهات (12 جهة إلى حد الآن) وقد وقع تبرير مثل هذا الاختيار من خلال رفع شعار تشريك كل الحساسيات السياسية وهو ما أثار غضب بعض الأحزاب التي وقع إقصاؤها .
تطرح تركيبة الهيئة العليا ... أكثر من تساؤل. إن الأحزاب المتواجدة لا تمثل إرادة الشعب فهناك أحزاب تعاملت مع النظام السابق بصفة مفضوحة وهناك أحزاب انتهازية تلهث وراء الكرسي لا تهمها مشاغل الشعب ومطالبه وهناك أحزاب رجعية وقروسطية تريد تطبيق الشريعة والرجوع إلى حكم الخلافة ، أما أغلب مكونات المجتمع المدني فإنها زكت سياسة بن علي وتصدت لنضالات الشغيلة وبررت دوس الكرامة الوطنية باسم المصالحة والاعتدال . أما الشخصيات المسماة وطنية فهي لا تمثل إطلاقا مطالب الجماهير وهي شخصيات منصبة وانتهازية بالأساس تتمعش من العمل السياسي في اغلبها .علما وان ممثلي الجهات لم يقع انتخابهم بصفة ديمقراطية بل وقع تعيينهم وهو ما يطرح أكثر من تساؤل حول مفهوم الانتقال الديمقراطي الذي تدعي الحكومة المنصبة تحقيقه .
2- الأهداف
تهدف الهيئة العليا …إلى إعادة الاعتبار للدساترة الجدد والى النهضة بتزكية من قبل اليسار الانتهازي أحزابا وأفرادا لأن بعض الأفراد يمثلون أحزابا أرادت البقاء خارج الهيئة بصفة انتهازية حتى لا تنكشف حقيقتها للشعب مكتفية بتمثيليتها عن طريق هؤلاء الأفراد المنتمين إليها والعاملين في منظمات حقوقية أو نقابية . وبالرغم من أن الهيئة العليا تظل استشارية فان تركيبتها الإصلاحية والانتهازية قد تجعل الحكومة المنصبة تلبي اغلب طلباتها . فما هي الأهداف الحقيقية لهذه الهيئة ؟
أولا الالتفاف على شعارات الانتفاضة وضمان استمرارية نفس النظام مع إدخال بعض التعديلات خاصة على مستوى الوجوه . فكيف يمكن لهيئة غير شرعية منصبة ولحكومة الاستمرارية أن تحقق أهداف الانتفاضة ؟ إن الحكومة المؤقتة تنحدر من رحم النظام وتدافع عن هذا النظام بصفة واضحة وعلنية فهي ستعمل إذا على صيانة مصالح الكمبرادور والبيروقراطيين وملاكي الأراضي الكبار وهي مصالح تتناقض كليا وشعارات الانتفاضة .
ثانيا التمسك بنفس السياسة واحترام نفس الاتفاقات المبرمة مع السوق الأوروبية المشتركة ومع باقي البلدان الامبريالية.
ثالثا محاولة دفع كل الأطراف إلى إمضاء عقد اجتماعي أو ميثاق وطني يقر السياسة الحالية و يفرض الالتزام بتطبيقها ,وهي اتفاقات كرست الهيمنة الامبريالية ونهبت خيرات البلاد وامتصت دماء الشهداء.
رابعا السماح ظرفيا بحرية التنظم وفق شروط ، وبحرية التعبير والإعلام…وانتظار ما ستفضي إليه الانتخابات من نتائج .علما وان الحكومة تدفع الدساترة الى التحرك والاحتجاج من خلال تنظيم الاعتصامات والمطالبة بعدم الاقصاء
تدفع الهيئة نحو إعادة إنتاج نفس السياسة ومحاولة احتواء غضب الشارع وامتصاص انتفاضة الجماهير من اجل فرض واقع الاضطهاد والاستغلال بتزكية الإخوان من جهة واليسار الانتهازي من جهة ثانية . تهدف الهيئة إلى أن تفضي انتخابات المجلس التأسيسي إلى أغلبية يشترك فيها التجمعيون- الاخوان مع بعض العناصر اليسارية الانتهازية التي قبلت بقانون اللعبة منذ سلطة بن علي-الاشتراكيون الديمقراطيون,مجموعة التجديد,الحزب الد. التقدمي,النهضة,اليسار الانتهازي بما فيه العائلة الوطنية: الحركة و العود الخ…
لقد أصبح خطر عودة الدساترة والإخوان خطرا فعليا يهدد مصالح الشعب وقد يتسبب في تواصل عدم الاستقرار وتوسع رقعة الفوضى لتبرير ضرورة العسكرة وفرض الأمن الذي يطالب به "المواطن" العادي .
ويطرح هذا الوضع المرتقب مهام جسيمة على عاتق اليسار عامة وعلى القوى المدافعة فعليا عن الانتفاضة والتي تحاول تحقيق بعض المكاسب للكادحين وتجد قوى الثورة نفسها أمام حتمية تنظيم الجماهير في مجالس أو لجان مستقلة عن الدساترة والإخوانجية وعن الأطراف اليسارية المورطة في التعامل مع الرجعية. وفي هذا الاطار يستوجب دعم اللجان المستقلة عن هذه الأطراف وايجاد قيادة موحدة تعمل على تمثيل كل الجهات وضبط خطط نضالية تحافظ على مكاسب الانتفاضة وتضمن حرية التحرك من اجل مواصلة النضال بهدف تحقيق شعار الشعب يريد إسقاط النظام . 18 افريل 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق