الاثنين، 18 يوليو 2011

الجريمة ضد جماهير الشعب في تونس متواصلة فلنعمل على إيقافها .



     تتواصل فصول الجريمة ضد جماهير الشعب في تونس بأشكال مختلفة عقابا لها على الضربة الموجعة التي وجهتها للرجعية من خلال انتفاضتها المجيدة و تداعياتها الثورية التي تجاوزت تونس لكي  تعم الوطن العربي ، و كنتيجة لذلك  تسوء الحالة المعيشية و ينعدم الأمان ، و تندلع مواجهات دامية في جهات عديدة ، أحيانا تحت غطاء عروشي جهوي ، و أحيانا أخرى تحت عناوين الدفاع عن المقدسات الدينية ، و الخاسر الأكبر فيها هو الشعب الذي يقدم من دمائه و عرقه و قوته التضحيات التي ليس آخرها الدماء التي سالت في سيدي بوزيد بنيران الجيش يوم 17 جويلية 2011 .
       و في ظل هذا الوضع  تحتدم المواجهة بين  الأطراف الرجعية التي تستنفر  قواها في سبيل ضمان شروط أفضل لإعادة  تموقعها ضمن النظام القائم  ، و تحتد في بعض الأحيان التناقضات بينها و يحاول كل منها الزج بجماهير المسحوقين في معاركه الخاصة ، و يتساوى في هذا الدساترة و الظلامية الدينية  .
     لقد كان التوافق بين السلطة الكمبرادورية البرقراطية  القائمة و اليمين الإقطاعي الديني  مشهودا به خلال الفترة الماضية  ، و كان من تجلياته تشكيل هيئة الالتفاف على الثورة ، و لكن ذلك التوافق اهتز مرارا على ضوء الاختلاف حول عدد من المسائل ، مثل قانون الأحزاب و التمويل الخارجي و الميثاق الجمهوري ، و كلما حصل ذلك إلا و حاول الدساترة القدامى و الجدد و اليمين الديني بأطيافه المختلفة   فرض معارك وهمية على الشعب ، ليس آخرها ما سمي باعتصام القصبة 3 الذي لم يكن له من هدف حقيقي غير مساعدة حركة النهضة على العودة إلى هيئة الالتفاف على الثورة وفق شروطها .
    ليس هناك من شك أن هذه التناقضات سوف تحتد أكثر فأكثر ، و سوف نشهد خلال المدة القريبة القادمة مواجهات أشد ضراوة ، فتلك الأطراف الرجعية منقسمة على نفسها و إن كان يوحدها جميعا هدف جامع هو السيطرة على الشعب ، و خنق تطلعاته نحو التحرر الوطني الديمقراطي و الاشتراكية فموعد انتخابات المجلس التأسيسي على الأبواب ، و الدولة الكمبرادورية البيروقراطية الإقطاعية ساعية إلى ترتيب بيتها الذي عصفت به انتفاضة 17 ديسمبر دون أن تحطمه نهائيا ، فما يجري حاليا هو معركة من أجل  إعادة توزيع النفوذ ضمن النظام القائم الذي يمثل الإقطاعيون طرفا من أطرافه و السؤال هو لمن سوف تكون الغلبة في الأخير ؟  دون ان يصل الأمر إلى  انفراط عقد التحاف الكمبرادوري البيرقراطي الإقطاعي نهائيا فعين الامبريالية ساهرة على ضمان التوازنات داخله .
     الواضح الآن أن هناك اتحادا قويا بين  البرجوازيتين الكمبرادورية و البرقراطية ( الأمنية و العسكرية و النقابية ) بينما يجد الإقطاع ( ممثلا سياسيا في النهضة و مشتقاتها )  نفسه مستبعدا من إدارة العملية السياسية ، معتقدا أن شعبيته كبيرة بينما حصته من الغنيمة السياسية متواضعة ،  لذلك يلجأ إلى الشعب لتصدير أزمته محاولا حلها بالزج بالجماهير في معركته الحزبية الخاصة  ، مستعملا شعارات تمويهية لإخفاء أهدافه الحقيقة ، كما يلجأ إلى الامبريالية و خاصة الأمريكية  و الرجعيات العربية و أساسا الخليجية  والرجعية  الإقليمية و رئيسيا التركية ، لفرض شروط أفضل لتلبية مطالبه .
     و في المقابل يجد الشعب نفسه منهكا ، فقد تم الالتفاف سريعا على انتفاضته التي توارت عن الأنظار شعاراتها الأساسية في الأرض و الشغل و الحرية و الكرامة الوطنية ، و أثخن بالجراح في معارك فرضت عليه فرضا تحت عناوين جهوية و قبلية  ، و تحالفت القوى التي تدعي تمثيلها له ( اليسار الانتهازي )  إما مع الرجعية الدستورية أو مع الرجعية الدينية ، كما نجحت البيروقراطية النقابية في توظيف الاتحاد العام التونسي للشغل لصالح السلطة .
      و هو بافتقاره إلى أدواته التنظيمية الأساسية أصبح لقمة سائغة  للرجعية  ، و لكنه رغم ذلك لا يزال يختزن طاقات نضالية هائلة ، و يمتلك استعدادا كبيرا لمواصلة المسار الثوري مما يطرح و بحدة على    الشيوعيين الماويين  و حلفائهم من الثوريين  الذين لم يسيروا في ركاب السلطة ولا في ركاب  الظلامية الدينية  العمل سريعا على إنقاذ الشعب ، بتشكيل الهيئات و المؤسسات التنظيمية  المختلفة على قاعدة برنامج يهدف إلى بناء تونس الديمقراطية الجديدة ، و  استنباط حلول  قابلة للتحقيق العملي  بما يمكن من تحويل انتفاضة الكادحين  إلى ثورة حقيقية ، و يقطع الطريق أمام فصول أخرى من الجريمة التي تنفذ الآن  .

تونس في 18 جويلية 2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق